مجزرة سربرنيتسكا 1995 (حرب البوسنة والهرسك)
مجزرة سربرنيتسا، التي وقعت في يوليو 1995 خلال حرب البوسنة والهرسك، تُعتبر من أسوأ الفظائع التي شهدتها أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. في هذه المأساة، قُتل أكثر من 8,000 من المسلمين البوشناق، معظمهم من الرجال والفتيان الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و77 عامًا، على يد قوات جيش جمهورية صرب البوسنة بقيادة الجنرال السفاح راتكو ملاديتش.
في 11 يوليو 1995، اجتاحت القوات الصربية مدينة سربرنيتسا، التي كانت قد أُعلنت منطقة آمنة من قبل الأمم المتحدة. على مدى عدة أيام، نُفذت عمليات قتل جماعي وترحيل قسري للنساء والأطفال والمسنين. تم تصنيف هذه الأحداث كإبادة جماعية من قبل المحاكم الدولية، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية.
في 22 نوفمبر 2017، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية حكمًا بالسجن المؤبد على الجنرال راتكو ملاديتش، بعد إدانته بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية خلال حرب البوسنة. وفي مايو 2024، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا يحدد 11 يوليو يومًا دوليًا للتفكر في الإبادة الجماعية التي وقعت في سربرنيتسا، بهدف إحياء ذكرى الضحايا وزيادة الوعي لمنع تكرار مثل هذه الجرائم في المستقبل.
حتى اليوم، لا تزال الجهود مستمرة لتحديد هويات الضحايا ودفن رفاتهم بشكل لائق، مع استمرار البحث عن المفقودين وتقديم الجناة إلى العدالة.
تُعد شهادات الناجين من مجزرة سربرنيتسا مصدرًا حيويًا لفهم الأحداث المأساوية التي وقعت في يوليو 1995. من بين هؤلاء الناجين، يبرز حسن نوهانوفيتش، الذي فقد والديه وشقيقه خلال المجزرة. في روايته، يصف حسن كيف تم فصل الرجال عن النساء والأطفال، وكيف تم اقتيادهم إلى أماكن مجهولة، مما أدى إلى فقدانهم.
ناجية أخرى، منيرة سوباشيتش، فقدت ابنها وزوجها في تلك الأحداث. تروي منيرة كيف تم خداعهم بوعود الحماية من قبل القوات الدولية، وكيف انتهى بهم الأمر في أيدي القوات الصربية. تُبرز شهادتها الألم المستمر والبحث الدؤوب عن رفات أحبائها لدفنهم بكرامة.
بالإضافة إلى ذلك، هناك شهادات أخرى مثل شهادة نورا مصطفى، التي نجت من المجزرة بعد أن فقدت زوجها وثلاثة من أبنائها. تروي نورا كيف اختبأت في الغابات لعدة أيام دون طعام أو ماء، محاولةً الهروب من القوات الصربية. كما يشارك إسماعيل زولفيتش تجربته، حيث فقد والده وشقيقه، ويصف الرحلة الشاقة عبر الجبال للوصول إلى مناطق آمنة.
هذه الشهادات، وغيرها الكثير، تُسلط الضوء على الجوانب الإنسانية للمأساة، وتُبرز أهمية التوثيق والاعتراف بالجرائم المرتكبة لضمان عدم تكرارها في المستقبل.
شهادات الناجين من المجزرة :
شاهدة بوسنية على أهوال "طريق الموت هربا من الإبادة (مقابلة)
- قالت زُمرا أحمدوفيتش إحدى النساء البوسنيات الناجيات من الإبادة الجماعية التي وقعت عام 1995 في سربرنيتسا، إنها سارت 18 يومًا عبر "طريق الموت" هربًا من الإبادة الجماعية
- قالت زُمرا أحمدوفيتش إحدى النساء البوسنيات الناجيات من الإبادة الجماعية التي وقعت عام 1995 في سربرنيتسا، إنها سارت 18 يومًا عبر "طريق الموت" هربًا من الإبادة الجماعية.
- ذكريات مروّعة يختزنها البوسنيون عن طريق الغابة الذي سلكوه للوصول إلى المناطق الآمنة خلال مرحلة الإبادة الجماعية، التي توصف بأنها أكبر مأساة إنسانية في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
قالت زُمرا أحمدوفيتش، البوسنية الناجية من الموت عام 1995 في سربرنيتسا شرقي البوسنة والهرسك، إنها سارت 18 يومًا عبر "طريق الموت" هربًا من الإبادة الجماعية.
حكت للأناضول، عن الذكريات المروّعة التي يختزنها البوسنيون عن طريق الغابة الذي سلكوه للوصول إلى المناطق الآمنة خلال مرحلة الإبادة الجماعية، التي توصف بأنها أكبر مأساة إنسانية في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
ذكرت أحمدوفيتش أنها لا تستطيع أن تنسى ما مرت به خلال سنوات الحرب البوسنية والإبادة الجماعية رغم مرور 27 عامًا، مشيرة إلى أنها كانت آنذاك شابة في 22 من عمرها، عندما سلكت "طريق الموت" مع شقيقها وأبناء عمومتها.
** الوصول إلى مناطق آمنة
قالت أحمدوفيتش إنها كانت طالبة عندما بدأت الحرب عام 1992.
وأضافت: "كنا نعيش في القرية.. لقد فقدت والدتي عندما كنت في الثامنة من عمري، فاعتنت جدتي وأخي بي. تم إغلاق المدارس عام 1992. لم يكن من الممكن تنظيم حفل تخرج لنا. لقد شعرنا بطاقة سلبية ثقيلة في الأجواء وقتئذ".
وتابعت: "كان الناس يحاولون الوصول إلى مناطق آمنة حتى قبل سقوط سربرنيتسا. تمكن البعض من المرور والبعض الآخر لم ينجح".
وواصلت: "لم نكن نريد مغادرة منازلنا. كنا نعتقد أن كل شيء سينتهي قريبًا. انتظرنا حتى آخر لحظة".
** أهوال لا تصدق
كان على زُمرا الذهاب إلى بوتوجاري (شرق) حيث تقرر أن يذهب الأطفال والنساء والرجال "الضعفاء" إلى هناك.
قالت: "توفي والدي عام 1994 وكان عمي في حالة تأهب في ذلك المساء، وكان من الصعب للغاية اتخاذ قرار بالذهاب. كان عمي مثل والدي الثاني. أخبرتني عمتي أن أتوجه إلى الغابة معهم. انطلق أخي الأصغر وابن عمي وإمام القرية أولًا. لحقنا بهم. كانت الطريق إلى بلجيم (شرق) طويلة جدًا".
وتابعت: "وصلنا إلى كامينيجا، حيث قُتل آلاف الأشخاص. في المساء، سمعنا أن الجنود كانوا في المنطقة ويستعدون لشن هجوم. جلسنا جنبًا إلى جنب برفقة عمي منتظرين انتهاء الهجوم".
وزادت: "بعد أيّام، تحركنا من مكاننا لنتفاجأ بوابل من إطلاق النار تجاهنا. استمر الهجوم نحو 10-15 دقيقة. فجأة ساد الصمت وبدأت أسمع الآهات والصراخ. وقفنا، نظرت إلى يدي فوجدت عين أحدهم قد سقطت عليها. واصلنا المسير. لقد كانت ذراعي لا تزال ملطخة بالدماء حتى بعد مضي 3 أيام على ذلك الحادث".
** الناجون من الموت واصلوا طريقهم
قالت أحمدوفيتش إن الناجين من الموت واصلوا طريقهم، وإن المدنيين الفارّين من المجازر قاوموا بكل ما أمكن من أجل عدم الاستسلام للصرب.
وذكرت أن المدنيين الهاربين من المجازر كانوا يختبئون في النهار ويواصلون السير عندما يحل الظلام، قائلة: "كان الصرب يطلبون منا الاستسلام عبر مكبرات الصوت ومع ذلك لم نستسلم".
أضافت: "كنا 9 أشخاص ننتظر حلول الظلام كل يوم. في أحد الليالي صعد عمي إلى أعلى أحد التلال ليرى ما إذا كان بإمكاننا الاستمرار. لم يعد عمّي تلك الليلة ولم نعد نعلم عنه أي شيء".
ذكرت أحمدوفيتش أنها كانت تشعر بالألم أثناء السير في الطرق الوعرة، مضيفة: "أخذنا أكبر قدر ممكن من الطعام معنا عندما غادرنا المنزل. تناولنا الطعام في الأيام الستة الأولى، ثم بدأنا نبتلع ما نجد في الغابة. شربنا الماء من البرك وأكلنا أوراق الشجر، قبل الوصول إلى إحدى القرى الموجودة خارج سيطرة الصرب في نهاية اليوم الثالث عشر".
وتابعت: "دخلنا أحد منازل القرية فوجدنا هناك قدرًا وثلاث بطانيات وبعض الدقيق وبعض الشاي. صنعنا الخبز وأكلناه مع الشاي. كما أكلنا القليل من البطاطس والخيار التي وجدناها في الحقول. بعد أن أكلنا قليلًا، تحسنت حالتنا الصحية".
** الأيام الاصعب في الذاكرة
وأوضحت الناجية البوسنية أن رحلة البقاء على قيد الحياة والهرب من القوات الصربية استمرت 18 يومًا، وأن تلك الأيام كانت الأصعب في حياتها لذلك حفرت أثرها عميقًا في الذاكرة.
وخلال حرب البوسنة والهرسك، نجا 3500 فقط من أصل 15 ألف مدني بوسني سلكوا طريق الغابة من أجل البقاء على قيد الحياة والوصول إلى مناطق آمنة.
وارتكبت القوات الصربية العديد من المجازر بحق مسلمين، خلال حرب البوسنة التي بدأت عام 1992 وانتهت 1995 بتوقيع اتفاقية دايتون، وتسببت في إبادة أكثر من 300 ألف شخص، باعتراف الأمم المتحدة.
كما دخلت القوات الصربية، بقيادة راتكو ملاديتش، مدينة سربرنيتسا في 11 تموز/ يوليو 1995، بعد إعلانها منطقة آمنة من قبل الأمم المتحدة، وارتكبت خلال عدة أيام، مجزرة جماعية راح ضحيتها أكثر من 8 آلاف بوسني.
ممرض بوسني يدلي بشهادته في مجزرة سربرينسكا
المراجع :


تعليقات