سيأتي عليك يوم تقف فيه أمام المرآة وقفة لا تشبه وقفاتك الماضية، ستتأمل وجهك و سيكون مختلفا عن الذي عهدته ، و كأنك تُهت عن نفسك زمنا و ها أنت إليها تعود !
سترى بياضا يغزو سواد شعرك !ستلاحظ بعض التجاعيد المتناثرة، و سيمر خيط الذكريات سريعا بين ناظريك ، مضى العمر شطره أو أكثره! ستتزاحم في نفسك الأمنيات السجينة ، و المشاريع المعلقة
والأحلام المؤجلة ! فتبكي فرصا ضاعت ، و زمنا ولّى بلا رجعة ،
و عمرا تفلت هدرا بلا نفع !
ثم يراودك شعور أن ما بقي من أيامك لن يكفي لما تروم إنجازه بعد اليقظة المتأخرة !
حينها إياك أن تيأس ، و تخلد إلى الندم وأنت تعض أصابعك! بحجة أن الوقت قد فات !
ما دام في صدرك نفس يتردد فلا تركن إلى السلبية ، و لو ارتخت المفاصل قليلا ،وانحنى العود شيئا ما ! و تراجعت القوة و ذهبت نضارة الشباب!
فمازال هناك أمل..! فبادر إلى الغرس فأنت مطالب برمي البذرة والعمل في كل مراحل حياتك ، و لست مطالبا بإنمائها !
بادر إلى البذل ، إلى التغيير،
دع عنك التسويف والأفكار
المقعدة وانطلق إلى الأمام.
كأنك ابن العشرين ولو كنت في الخمسين أو ستين..!
انت لا تدري أي شطر من عمرك سيكون الأغزر إنتاجا والأوفر متعة؟!
والأعمار لا تقاس بطولها ، بل بما أنجزته فيها من أمور عظام ولو كانت قصيرة!
فإن كان الشباب قرين القوة والاندفاع
و الحماسة وثورة المشاعر،
فالكهولة هي قرينة النضج العاطفي والنفسي والعقلي و التأمل المتزن الذي
به تنجلي الحقائق واضحة سلسلة بلا
غبش، و هي قرينة الحكمة التي تورث صاحبها الكهل سعادة يغبطه عليها
ابن العشرين!
واجه المرآة ولا تتهرب منها ، ودقق
في التفاصيل التي لا يراها أحد ، وابحث عن الجمال في ما يراه الذين انتكست فطرتهم، وغلب الران على قلوبهم نقيصة ، أو قبحا..!
إن فعلت فقد التمست طريق العودة!
و لهذه العودة ما بعدها!
عائشة مسعود


تعليقات