من ينزع شوك الصبار من قلبها؟!
وعدها أبوها أن يأخذها إلى العاصمة،
هو سيعود مريضا في أحد مستشفياتها، وهي ستستمع برؤية معالمها، فهي وإن كانت تعيش في مدينة تقع في ضواحي العاصمة ، إلا أنها لم يسبق لها أن زارتها من قبل.
" سأطلب من أبي أن يشتري لي قطعة من حلوى الترك التي أحبها كثيرا"1
هذا ما كانت تمنى به الطفلة (التي لم تبلغ التاسعة) نفسها،
و هي تتجهز للذهاب مع أبيها.
بعد صلاة الجمعة خرجا من البيت و استقلا الحافلة ، و كانت مكتظة ، وبمجرد أن توجه الوالد لقطع تذكرة،
ضاعت في الزحام! و وجدت نفسها
وسط غابة مظلمة من أرجل الركاب
الذين كانوا كلهم رجالا!
أو كان بعضهم ذئبا حقيرا في ثوب رجل.. !
رفعت رأسها فلم تلحظ أباها،
تجمدت في مكانها حتى يعود إليها!
و فجأة خرجت من تلك الغابة السوداء المظلمة يد آثمة... ليتها شُلت
أو انقطعت قبل أن تمتد إليها... !
لم تفهم في البداية ما حدث لها!
تجمد الدم في عروقها، اصفر وجهها
و ارتفعت دقات قلبها الصغير!
وانكمشت على نفسها لاتدري ما تفعل!
و الوالد لم يعد بعد.. !
وللمرة الثانية تعيد اليد الآثمة المجرمة فعلتها القذرة!
في هذه المرة بكت الطفلة و سالت دموعها على خديها الصفراوين بصمت! عرفت بفطرتها أن ما حدث
لها يسمى عيبا، والعيب لا يباح به
ولا يتحدث عنه في مجتمعها!
هربت من اليد المجرمة ، و هي تلهث متخطية الأرجل، حتى وصلت إلى نافذة الحافلة ، الصقت ظهرها بها ، وأدارت وجهها للركاب! في حالة استنفار لتدافع عن نفسها وعن طهر جسدها الذي استباحته تلك اليد الآثمة، التي لم تعرف إلى أي وحش تنتمي إليه من شدة الزحام!
" أبي..! أين أنت يا أبي؟!
لم لم تأخذني معك؟!
لم تركتني بينهم؟؟
لمَ لم تأخذ بيدي وتحميني منهم؟! "
هذا ما كانت تقوله لنفسها وهي تبكي!
وبدأ عدد الركاب يتناقص شيئا فشيئا بنزولهم، حينها ظهر والدها، ناداها
مبتسما فذهبت إليه!
المسكين ظنها كانت بين أيدي الأمناء
على العرض والشرف، كما يليق بكل مسلم ولكن.. !
وبعد لحظات نزلا معا...
لم تدري ما حدث بعد ذلك، لم تستمتع برؤية معالم العاصمة الجميلة! ولم تطلب قطعة حلوى!
لم يلحظ الوالد الدموع التي سالت لأنها مسحتها ، و لم ير التي كانت
تسيل ، لان قلبها هو الذي كان يبكي!
نيابة عنها !
اليد الآثمة سرقت منها براءتها ،
ولوثت طفولتها، تعدت عليها
وغرست في قلبها نبتة الصبار!
" ملعونة أنت أيتها اليد! قطعك الله لأنك قطعت فرحتي! ودنست طهري!
لعنة الله عليك أينما تكونين!"
من ذا الذي ينزع شوك الصبار من قلبها الغض و يعيد للنبض إيقاعه الطفولي..!
1_حلوي الترك :هي حلوى الطحينة

تعليقات
لذا وجب أن تكون العقوبات شديدة و زاجرة..!