استهداف الدراما للأسرة...
قوة الأمة مرهونة بقوة الأسرة و بقائها عصية على التمييع و الخلخلة... !
فالأسرة ما فتئت هدفا لأعداء الأمة يصوبون سهامهم نحوها في مقتل ، حتى تصاب بالوهن ، و من ثم يسهل عليهم اضعاف العالم الإسلامي بأسره ، و إذلال شعوبه و السيطرة على مقدراته و إبعاده عن مصادر قوته و منعته .
ولما لم ينجح الغرب في غزوه العسكري ، عمد إلى غزو آخر أشد خبثا و فتكا ، وهو الغزو الفكري أو ما يسمى بالقوى الناعمة وذلك باستعمال الأدب والفن و وسائل التواصل الاجتماعي..
لنشر فكره وفلسفته ومنظومة القيم لديه.. والتي تخالف ما هو كائن عندنا!
و التي حملت في طياتها بذور العلمانية و الإلحاد ، والثورة على كل المرجعيات و الدين ، و لأن المغلوب مولع بتقليد الغالب ، سقط كثير من المتعلمين و المثقفين في براثنه ، فغدو عن علم أو جهل أبواقا لهذه الأفكار الهدامة .
و من مظاهر هذا الهدم الذي طال الأسرة المسلمة ، أفكار يبثها المغيبون من بني جلدتنا في الدراما (افلام ، مسلسلات ...) ، حتى يتصالح الناس معها لأنه كما قيل "كثرة المساس تذهب الإحساس.. " .
ومن أمثلة ذلك : الترويج للمصاحبة والمواعدة بين الجنسين ، فلا تخلو الأفلام و المسلسلات من قصة حب أو قصص ، تصاحبها مسوغات فجة لتمريرها و إظهارها كسلوك حضاري ينم عن الرقي و التفتح ، و أنها أساس كل زواج ناجح .
و كيف تنجح علاقة بنيت على اللقاءات الخائنة و الخلوات و الخضوع بالقول و التكسر في الكلام ، و غيرها من التجاوزات التي يعف اللسان عن ذكرها ؟!
و من الأفكار الخطيرة التي يتم بثها في الدراما أيضا : تقديم الزنا باسم آخر هو المساكنة ، حيث يعيش الرجل و المرأة تحت سقف واحد و قد ينجبان سفاحا ، ثم يقرران فيما بعد الزواج أو لا !
في امتهان صارخ للأعراض و هدر للعفة والطهر ، و الله تعالى يقول محذرا :{ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة و ساء سبيلا } الإسراء (32)
والغريب أن منصات التواصل تعج بهذه الدعوات ، التي يطلقها دعاة الإباحية و الفساد الذين يدعون إلى التحرر الجنسي بكل صفاقة و قلة حياء !
كما شوهدت أعمال درامية تشجع هروب الفتاة من بيت أهلها ، لتتزوج من كانت تصاحب و تواعد دون موافقة وليها !
و يُقدَّم هذا الهروب في ثوب انتصار للعاطفة ، و كيف يكون حبا و قد شيب بخيانة الله و رسوله و الوالدين !
في أحد المسلسلات تفر الفتاة لتتزوج صاحبها بدون موافقة أبيها ، و بعد سنين طويلة تعود إلى منزل أبيها طالبة الصفح ، و يفعل صناع المسلسل المستحيل، لجعل المشاهد يتعاطف معها و يكره الأب الذي رفض عودتها .
و يصل الإجرام إلى ذروته عندما يطبع صناع الدراما مع الدياثة والشذوذ !
حيث يقول أحد الممثلين لأخته في أحد المسلسلات : أن فلانا ( يقصد صديقه) يعشقك !
ثم لا يرى بأسا في أن تقابله ليلا أو نهارا !
والهدف أن تتربى الأجيال على الدياثة ، فتموت فيها الحمية و الغيرة على العرض .
و الحال أن الديوث لا يدخل الجنة كما ورد في حديث رواه الإمام أحمد :" ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة ، مدمن خمر و العاق و الديوث الذي يقر في أهله الخبث ".
أما الشاذّون جنسيا ، فيقدمون على أنهم أناس مختلفون عنا ، علينا تقبلهم والتعايش معهم كما هم، اختاروا أن يعيشوا على طريقتهم و علينا احترامها !
و هل يليق بمؤمن أن يتصالح مع الفاحشة !؟
والله تعالى يقول : { و لوطا إذ قال لقومه أتاتون الفاحشة ما سبقكم بها من احد من العالمين } الأعراف 80
و لأنهم جاهروا بالفاحشة و أتوا بشنيع من الفعل ، قلب الحق مدائنهم رأسهم على عقب! واستأصلهم
جزاء ما اقترفوا من الموبقات وذلك في قوله تعالى :{ وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين }( الشعراء 173)
لأن وجودهم خطر على المجتمع والأمة ككل! فكيف يستساغ أن يتركوا دون نكير يعربدون وينشرون الفحش
و الرذائل؟!
وأخيرا ، آن الأوان أن نتصدى جميعا لهذه الدراما الفاسدة المفسدة ، كآباء و مجتمع و ولاة أمر ، بفضحها و التحذير منها و تشديد الرقابة على ما تبثه الشاشات بكل أنواعها ، و تقديم البديل الذي يربط هذه الأجيال بتاريخها و حضارتها ، ويحثها على العمل و الإجتهاد و التطور ، هذا إذا كنا نبتغي جيلا قويا عصيا أمام رياح التغريب و التغييب ، صحيحا من الأسقام الفكرية الدخيلة و أسرة متينة تستمد هويتها و قيمها من دينها الإسلام .
عائشة مسعود


تعليقات